logo
تحميل التطبيق
English
logo
العودة إلى المدونة
21 يونيو 2025

إيران وإسرائيل: المؤشر الأهم في هذه الحرب

فريق بورصة
فريق بورصة
إيران وإسرائيل: المؤشر الأهم في هذه الحرب

تنويه 📢

تم إعداد ونشر هذا المقال من خلال أكاديمية "بورصة" التعليمية، وهي منصة ليبية على الإنترنت تهدف إلى رفع الوعي وتعزيز المعرفة حول الاستثمار والأسواق المالية لدى القارئ الليبي.

تصعيد غير مسبوق: إسرائيل تضرب وإيران ترد

في الثالث عشر من يونيو 2025، أطلقت إسرائيل هجومًا جويًا واسعًا استهدف منشآت عسكرية ونووية داخل إيران. هذه الضربات استهدفت ضباطًا من الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب علماء نوويين بارزين في خطوة تُعدّ الأخطر منذ سنوات. جاء الرد الإيراني سريعًا عبر هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة استهدفت قواعد إسرائيلية في صحراء النقب وهضبة الجولان، وتوعدت طهران بتوسيع رقعة المعركة لتشمل مصالح حلفاء إسرائيل في المنطقة.

تأتي هذه الحرب المفاجئة وسط حالة من التوتر السياسي والدبلوماسي، حيث كانت الولايات المتحدة تسعى لإعادة تفعيل المفاوضات النووية مع الجانب الإيراني بدعم ومشاركة جزئية من إسرائيل. فبينما كانت واشنطن تحاول الدفع نحو اتفاق نووي جديد يُقيّد قدرات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، رأت إسرائيل في هذا التوجه تهديدًا لأمنها القومي، خصوصًا مع استمرار النشاط العسكري الإيراني في المنطقة.

هذا التصعيد السريع بين البلدين أثار مخاوف حقيقية من اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة تُعدّ من الأكثر حساسية على مستوى العالم، خصوصًا لما تمثله من ثقل في أسواق الطاقة العالمية.

الأسواق العالمية تحت الصدمة: هل عادت مرحلة "النفط مقابل الخوف"؟

"في بعض الأحيان، ترتفع أسعار النفط  بسبب آخر غير زيادة الطلب، بل بسبب الخوف الجيوسياسي – مثل الاضطرابات في الشرق الأوسط. هذا ما يسميه البعض بمرحلة النفط مقابل الخوف."

لم تكن الأسواق المالية بمنأى عن هذا التوتر. فور الإعلان عن الهجمات، شهدت الأسواق موجة تراجع حاد في مؤشرات الأسهم، خاصة في البورصات الأوروبية والآسيوية. حيث اتجه المستثمرون للتخلّص من الأصول الخطرة مثل الأسهم، واتجهوا إلى شراء الأصول الآمنة مثل: الذهب، السندات الحكومية، والين الياباني. في المقابل، ارتفعت أسهم شركات الدفاع والنفط والغاز، حيث قفزت أسهم شركات مثل Gulfport Energy وTeekay Tankers وInternational Seaways بنسب تراوحت بين 4% و8% خلال أسبوع واحد فقط.

نتيجة لذلك، فقد شهدت مؤشرات الأسهم في وول ستريت هبوطًا ملحوظًا، مع تسجيل مؤشر "داو جونز" خسائر تجاوزت 1.8%، و"ناسداك" بنسبة 1.5%، وسط تزايد المخاوف من انخراط أمريكي مباشر في الحرب.

لكن التأثير الأبرز كان في سوق النفط، حيث ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 9% خلال 48 ساعة فقط، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل عام 2023. حيث تجاوز سعر برميل خام برنت 76 دولارًا، وسط توقعات أن يستمر الارتفاع في حال تفاقم الوضع العسكري.

الرسم البياني أدناه يوضح حركة أسعار النفط خلال الفترة من 12 إلى 19 يونيو. يشير السهم الأحمر في الرسم إلى القفزة الحادة في الأسعار قبيل تنفيذ الضربة الجوية الإسرائيلية على إيران فجر يوم 13 يونيو. تُظهر البيانات كيف تفاعلت الأسواق مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، مما يعكس حساسية أسعار النفط تجاه أي تطورات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط.

سعر برميل النفط (خام برنت)

سعر برميل النفط (خام برنت)

في خضم هذه الأزمة، برز النفط كبوصلة للحرب، كمؤشر رئيسي يعبّر عن الحالة الأمنية هناك. فكل ارتفاع مفاجئ في الأسعار يُفسَّر على أنه رسالة من السوق بأن الوضع يزداد سوءًا. والعكس صحيح: أي تهدئة أو مؤشرات على التفاوض، تؤدي عادةً إلى انخفاض الأسعار. ولكن، لماذا أصبح النفط تحديدًا بوصلة لفهم الحرب في الشرق الأوسط؟

كلمة السر في فهم كل ما يحدث: مضيق هرمز

هنا تحديدًا تكمن أهمية "مضيق هرمز"، وهو ممر مائي ضيق بين الخليج العربي وبحر عمان، وتحده إيران من الشمال. هذا الشريان يمرّ منه حوالي 20% من تجارة النفط في العالم. أي تهديد بإغلاقه، سواء بسبب حرب أو حتى تهديدات عسكرية، يُربك الأسواق ويزيد أسعار النفط بشكل مباشر.

يُعد المضيق من أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، ويوفر المنفذ البحري الوحيد لمنشآت النفط والغاز الطبيعي في كل من قطر والكويت والسعودية إلى المحيط المفتوح. وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يمر عبر مضيق هرمز يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط الخام ومنتجاته. ووفقًا لتحليل حديث من "مورغان ستانلي"، فإن 15% من النفط الخام العالمي و20% من الغاز الطبيعي المسال (LNG) يمر عبر المضيق.

ومع استمرار إسرائيل في توسيع عملياتها العسكرية ضد إيران، وتصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشير إلى احتمال تدخل أمريكي مباشر، ظهرت تقارير تفيد بأن إيران قد تُغلق مضيق هرمز، مما يعني فرض عدة مستويات من التهديدات على أي سفن تحاول عبور الممر.

المحللون في "مورغان ستانلي" و"ING" أشاروا إلى أن استمرار التوتر قد يدفع أسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 120 دولارًا للبرميل، في حال تعطّلت حركة النفط في الخليج العربي. ويتوقع أن يرتفع سعر البرميل من 8 إلى 30 دولارًا إضافيًا في حال تم إغلاق مضيق هرمز فعليًا، بحسب شركة ClearView Energy Partners.

الحرب ليست فقط في الميدان... بل ممتدة إلى الأسواق أيضًا

ما يحدث بين إيران وإسرائيل هو تذكير قوي بأن الحروب في القرن 21 لا تقتصر على ساحات القتال، بل تمتد إلى شاشات البورصات، وأسعار الوقود، وثقة المستثمرين. ففي أوقات الأزمات الجيوسياسية، يتحرك السوق أحيانًا بناءً على "الخوف" وليس فقط على المؤشرات الاقتصادية. لذلك فإن تعلم قراءة المشهد الجيوسياسي جزء مهم لفهم تحركات الأسواق.

في عالمنا اليوم، تسعيرة برميل النفط قد تكون أقوى من ألف تصريح سياسي، ومضيق صغير مثل هرمز قد يتحكم بمصير اقتصادات عالمية بأكملها.